كان أعظم اختراعات ألكسندر جراهام بيل الهاتف. في 3 يونيو 1880، أرسل ألكسندر جراهام بيل أول رسالة هاتفية لاسلكية على جهاز "الفوتوفون" الذي اخترعه وقتها، وهو جهاز يسمح بنقل الصوت عبر شعاع من الضوء. حدث ذلك قبل 19 عاما من أول إرسال لاسلكي.
وصف بيل اختراع الفوتوفون بأنه أعظم إنجازات حياته، ولكن لم يتم التعرف على أهمية هذا العمل بالكامل في ذلك الوقت. سوف يمر قرن آخر من الزمان قبل أن يصبح هذا الإنجاز موضع تقدير من العالم كله.
رسم توضيحي لجهاز الإرسال الخاص بالفوتوفون. |
ما هو "الفوتوفون"؟
كان الفوتوفون جهاز يشبه الهاتف المعاصر، باستثناء أنه يستخدم الضوء المعدل "Modulated Light" كوسيلة للإرسال اللاسلكي بدلاً من الكهرباء التي يتم نقلها عبر الأسلاك بشكل تقليدي. في أبسط أشكاله، كان الجهاز يتألف من مرآة مستوية ومرنة، تم توجيه صوت السماعة على ظهرها. يتسبب توتر الهواء الناتج عن الكلام في اهتزاز المرآة المرنة لتهتز بشكل يجعلها تصبح محدبة ومقعرة بالتناوب، وبالتالي تشتت وتكثف الضوء بالتناوب.
انعكاس شعاع الضوء على هذه المرآة المهتزة. يتم نقله إلى جهاز مُستقبل، يبدأ الجهاز بالتعرف على حزمة الضوء النابضة ببث الصوت بشكل يتوافق مع تردد الصوت لموجات الصوت التي تعمل على المرآة. ثبت أن تحويل شعاع الضوء النابض إلى صوت صعب في أول التجارب. في إحدى التجارب، صنع بيل جهاز استقبال يمكنه ترجمة نغمات الصوت بشكل طبيعي لكن وصفها بيل بأنها "عالية بشكل مؤلم" لأذن الإنسان.
رسم توضيحي لجهاز استقبال فوتوفون. |
في عام 1878، وظّف بيل تشارلز سومنر تاينتر، وتمكنا من صنع أو فوتوفون في مختبرهما من خلال ربط مجموعة من الموصلات المعدنية بغشاء رقيق. وباستخدام سماعات الرأس استطاع بيل سماع تاينتر وهو يغني Auld Lang Syne.
في الأول من أبريل عام 1880، نجح بيل وتاينتر في التواصل عبر مسافة 79 مترا. بعد بضعة أشهر، في 21 يونيو، نجحوا في التواصل بوضوح على مسافة حوالي 213 مترا باستخدام ضوء الشمس العادي كمصدر للضوء. بعدها صعد تاينتر على سطح مدرسة فرانكلين وتحدث إلى بيل، الذي كان يستمع للمكالمة من خلال جهاز الاستقبال في مختبره. ثم أشار بيل إلى تاينتر من خلال التلويح بقبعته من نافذة المختبر.
مدرسة فرانكلين حيث تم إجراء أول اتصال لاسلكي |
ابتكر بيل وتاينتر في آخر المطاف أكثر من خمسين وسيلة لتعديل الصوت لموجة ضوئية وتطوير طرق محسّنة لتسجيل الصوت ومشاريع أخرى. لم تلتفت الصحافة في تلك الفترة لهذه الابتكارات بشكل علني. كانت صحيفة نيويورك تايمز معادية للفكرة بشكل علني. في أغسطس 1880، كتبت الصحيفة:
سيجد الرجل العادي صعوبة في فهم كيفية استخدام أشعة الشمس بهذا الشكل. هل ينوي البروفيسور بيل ربط بوسطن وكامبريدج بخط من أشعة الشمس التي يتم نقلها عبر التلغراف!، وإذا كان الأمر كذلك، فما قطر أشعة الشمس التي يجب أن تكون عليه... [و] سيكون من الضروري اخذ ظروف الطقس بعين الاعتبار... حتى يرى (الجمهور) رجلاً يسير في الشوارع مع لفائف من أشعة الشمس على كتفه، ويعلقها من عمود إلى آخر في الشوارع، سيكون هناك شعور عام بأن هناك ضغطا هائل يضعه البروفيسور بيل على عاتق البشرية باختراع Photophone.
ومع ذلك، كان بيل متحمس جدا لاختراعه الجديد. حيث بعث رسالة إلى والده يقول فيها:
لقد سمعت كلاما واضحا عن طريق ضوء الشمس! سمعت شعاع الشمس يضحك ويسعل ويغني!... لقد تمكنت من سماع الظل حتى أنني استطعت عن طريق الأذن سماع مرور السحب عبر قرص الشمس. أنت من ألهمتني لصنع الفوتوفون وأود أن أشاركك سعادتي بنجاحي.
كان بيل يأمل أن تستخدم السفن في البحر هاتفه الضوئي الجديد. كان يتخيل في المستقبل رؤية الاتصالات اللاسلكية تحل محل خطوط الهاتف المتشابكة الأسلاك التي كانت منتشرة على طول شوارع المدينة المزدحمة. تساءل بيل: "هل يمكن لنا أن نتخيل ما سيكون عليه مستقبل هذا الاختراع". "قد نتحدث عن طريق الضوء إلى أي مسافة مرئية دون أي سلك توصيل".
لسوء الحظ، فشل بيل في حماية عمليات الإرسال الخاصة به من التداخلات الخارجية مثل ظروف الطقس المختلفة والسحب والضباب والمطر والثلج وما إلى ذلك، مما قد يؤدي بسهولة إلى تعطيل انتقال الضوء.
شهد Photophone فترة رواج قصيرة حيث اعتمدت عليه البحرية الألمانية في مطلع القرن العشرين، وذلك بفضل التجارب الألمانية النمساوية. ابتكر الفيزيائي الألماني إرنست رومر جهاز استقبال فائق حقق مسافات تصل إلى 15 كيلومترا باستخدام كشافات عالية الطاقة مقدمة من البحرية. أنتجت شركة Siemens & Halske الألمانية وحدات من هذا الجهاز للبحرية الألمانية، والتي قدمت اتصالات تصل إلى 11 كيلومترا باستخدام كشافات الضوء الخاصة بالسفن. عملت الحكومتان البريطانية والأمريكية أيضا على إدخال تحسينات تقنية على نظام بيل خلال الحرب العالمية الأولى.
اليوم، الحزم الضوئية هي الناقل الرئيسي للمعلومات على مستوى العالم، على الرغم من أنها ليست بالشكل الذي تصوره بيل. بدلاً من الإرسال اللاسلكي للإشارات الضوئية، يتم نقلها الآن بواسطة الألياف الضوئية عبر القارات.