في جنوب أسبانيا ، منطقة الحكم الذاتي أندلوسيا ، المنطقة التي تقع بين أقصي شرق المحيط الأطلنطي ( الجزء الغربي منها ) و أقصي غرب البحر الأبيض المتوسط ( الجزء الشرقي منها ) ، التي يقع بها أجمل مدن أسبانيا مثل قادس و مالقة التي تشتهر بأسم البلدات البيضاء نظراً لتميُّزها بالمنازل و المباني ذات اللون الأبيض ، و الشوارع الضيقة الملتوية المرصوفة بالحصي ، و الكنائس المزخرفة فوق المنحدرات والوديان النهرية!
بُنيَّت تلك البلدات في الأصل بواسطة المزارعين البربر ذو الأصول الشمال أفريقية الذين جاءوا إلي الأندلس بين القرنين التاسع و العاشر ، و في أواخر القرن الحادي عشر بدأ هؤلاء المزارعين في النزوح من تلك البلدات إلي التلال و الوديان الجنوبية إبان العدوان المسيحي لإسقاط المملكة المسلمة و الذي بدأ في شمال أسبانيا. و تشترك تلك المدن في أسلوب منازلها ذو اللون الأبيض و الجدران المحصنة بالحديد مع أسلوب المباني المغربي ، و الجدير بالذكر بأن المسلمين النازحين من تلك المدن بعد العدوان توجهوا إلي بويبلوس حيث وجدوا الأمان لأنها منطقة معزولة.
علي الرغم من أن القوة المسيحية انتصرت في النهاية ، إلا ان التأثير المغربي لا يزال مهيمناً علي الأسلوب المعماري لتلك المدن التي تتميز بالشوارع الضيقة الشبيهة بالمتاهات المرصوفة بالحصي ، و جدران تلك البيوت تشبه القلاع الحصينة من قوتها و تحصينها بالشبكات الحديدية ، و اللون الأبيض المميز ، و بالرغم من الطابع الإسلامي المغربي العربي التي تتميز به تلك المباني و الشوارع الا انه لا تخلو كل قرية من كنيسة واحدة كاثوليكية رومانية علي الأقل.
المميز ايضاً ان تلك البلدات تقوم بدهان المباني بنوع من الطلاءات المعالجة بمواد مضادة للجراثيم ، و يعكس اللون الأبيض كلياً مدي ترابط و تماسك تلك البلدات اجتماعيا ، كما انه تم اضافة بعض المباني الزخرفية التي يرجع تاريخها للقرن الثامن عشر كآثار زخرفية.